فيرونيكا

الأيقونة الحقيقية

تاريخ كنسي

آخر الأخبار

تاريخ كنسي
جاري التحميل ...

الآن أتَكلَّم - شِهادة اتَحمَّل مسئوليتها أمام الله

بقلم/ شريف رمزي

قبل عِدة سنوات، وأثناء عملي كصحفي ميداني بإحدى القنوات الفضائية، اختفت فتاة مسيحية في ظروف غامضة، وكانت الفتاة #قاصر لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها، ما دفعَني لتكريس كل وقت وجُهد ممكن لمُساعدة تلك الأسرة المَكلومة في استرجاع تلك الطفلة المسكينة، وقد كان. 

بدأت أولًا بتَدشين حملة إعلامية لتسليط الضوء على قضية الطفلة، وإظهار التقصير الأمني (اكشفنا فيما بعد أنه لم يكن تقصيرًا بل تواطوءًا!)، وتزامن مع ذلك قيامنا بعدة تظاهُرات داخل أسوار الكاتدرائية، وهدَّدنا بالتصعيد وبدأنا الحديث لوسائل إعلام خارجية.

بعد فترة وجيزة عادت الطفلة، وكُنت أول من استقبلها على باب بيتها، وبعد صلوات حارة وتسبيح وتمجيد، جلست إليها واستمعت منها لكل تفاصيل الغياب والعودة وما تخللهما من مُمارسات لمَحو هويتها تمهيدًا لإشهار إسلامها عندما يحين الوقت!

في اليوم نفسه خَرجتُ على قناتي مُعلنًا باقتضاب عن رجوع الطفلة سالمة، وعن رغبة الأهل في غلق ملف القضية إعلاميًا لتفادي أى آثار يُمكن أن تنال من سُمعتها مُستقبلًا، وأُغلِق الملف من يومها. 

لكني، ومنذ ذلك الحين لم أُسامح نفسي أبدًا لأنني كتمت عن الرأى العام تفاصيلًا ما كُنت لأكتمها ومُمارسات ما كُنت لأتوانى عن فضحها حتى وإن كان الثمن حياتي، لكن كان الأمر يتعلق بمُستقبَل الطفلة وبتهديدات جَدّية لوالدها في حال استمر التصعيد. 

وإليكم ما كان..

تم استدعاء والد الطفلة من القاهرة حيث يقطن إلى مقر #أمن_الدولة بمسقط رأسه (إحدى مُحافظات الصعيد)، وقضى ليلته هناك يخضع لكل وسائل التَهديد والابتزاز قبل أن يستلم طفلته في اليوم التالي عائدًا بها إلى القاهرة.

وفي جلستي معها كُنت دَقيق المُلاحظة جدًا بحيث لم تنجح مُحاولات الطفلة في إخفاء الآثر الذي تركه #نزع_الصليب من يدها، ولم يكن من الصعب استدراجها للحديث عن تجربتها ولاسيما أن الأهل كانوا مُتلهفين بشدة للاطمئنان على سلامتها من نواحٍ عِدة. 

قصة الغياب بدأت مع اصطحاب الأهل للطفلة وأشقائها لقضاء أجازة الصيف في "البَلد" (قرية فقيرة من قُرى الصعيد)، وهناك تعرفت بشاب مُسلم والذي استغل برائتها وصِغر سِنها ليتقرَّب منها بسوء نية واضح، واستمر التواصل بينهما تليفونيًا حتى بعد عودتها إلى القاهرة. 

كانت الطفلة تعيش ظروفًا تبدو صعبة مع إخوة كثيرين جميعهم في سن الطفولة، وكانت حرفة الأب لا تُدِر له الدخل الذي يكفي لإسعادهم، فكان من السَهل أن يوقعها ذلك الذئب المُتخفي بصورة إنسان في شِباكه، وقطعًا فإن #التغرير بطفلة صغيرة جريمة لا تقل في بشاعتها عن جريمة الخطف بالإكراه. 

خرجت الطفلة من بيتها ولم تَعُد، حيث كان ذلك الذئب في انتظارها على أطراف الحي الذي تسكنه داخل سيارة "ميكروباص" يقودها أخر، وما أن ركبت معه حتى انطلق مُسرعًا نحو الجنوب.

وفي بيت كبير بمنطقة نائية لا تبعد كثيرًا عن القرية، وجدت البنت المسكينة نفسها مع كثيرات غيرها ومن أعمار مُختلفة، حتى أنها تعرفَت هناك على سيدة مسيحية آثار اختفائها ضجة كبيرة في ذلك الحين! 

والبيت المُشار إليه كان أشبه بالمُعتقَل -كما فهمت- والقائمين عليه من الداخل سيدات يَرتَدين "الخمار"، وهُن #مُدربات على أساليب التعامُل مع هكذا حالات، والسِمة الغالبة على التعامُل كانت اللين واللُطف، لكن في بعض الأحيان يلجأن للشدة والتأديب حينما تَظهَر على الضحايا علامات الرفض والعصيان، وقد واجهت الطفلة شيئًا من هذه الشِدة وذلك التأديب حينما رفضت ارتداء الحجاب أو التجاوب مع الدروس المُخصَصة لحفظ القرأن وتعلُم فريضة الصلاة عند المُسلمين! 

كان المفهوم الراسخ عندي أن نزع الصليب يتم بواسطة "مَية نار"، فاكتشفت -في حديثي مع الطفلة- أنني ساذج جدًا وأن مخزون المعلومات لدىَّ بات مُنتهي الصلاحية. 

فعملية نَزع الصليب أو إزالته تتم بواسطة #طبيب أو شخص مُتخصِص، يقوم بتَخدير رُٰسغ اليَد ثم قَص جزء من الجلد حيث #وَشم_الصليب بواسطة مِقَص؛ وخياطته من جديد!

ما بين الحين والأخر كان #الشيخ فُلان (أحد #مشايخ_السلفية الصغار، لمَع نجمه لفترة ثم خفُت أخيرًا)، يزور البيت -طبعًا لترتيبات تتعلق بإشهار إسلام البالغات، وتوظيف ذلك إعلاميًا من خلال منابر السلفيين ومواقعهم الإلكترونية- وهى أمور لم تكُن بعيدة عن أعيُن #الأجهزة_الأمنية، التي ما أن استشعرت خطر التصعيد باستمرار احتجاز الطفلة حتى أومأت لوالدها بالحضور لاستلامها على النحو الذي أوضحته سابقًا. 

الإحساس بالمسئولية حيال مُستقبل الطفلة وما تلقاه والدها من #تهديدات، دفعني للسكوت عن استثمار عودة البنت في فَضح ما يحدث في الكواليس إعلاميًا، لكن التفاصيل برُمَتِها وضعتها أمام الأب الأسقف الذي يَدخل سَكَن الطفلة في نِطاق مسئوليته، كما أن الكثير من هذه المُمارسات بدأت تتكشَّف للرأى العام لاحقًا، ولم يَعُد خافيًا على أحد أن ثمة #عمليات_مشبوهة تقوم عليها جماعات مُنظمة تتستر خلف أسماء لجمعيات شرعية ودَعَوية مُمَوَلة خليجيًا #لأسلَّمة_القبطيات كجزء من تغيير الهوية المصرية ككُل. 

وقد استمرت مُتابعتي للطفلة والسؤال عنها لمُدة وجيزة، وتولى أحد الأباء الكهنة مسئولية رعايتها وأسرتها ماديًا وروحيًا مع توفير الرعاية النفسية التي تحتاجها طفلة تعرضت لتجربة من هذا النوع، ومن ثم انسحبت في هدوء لأعطي تلك الضحية المسكينة وأسرتها الفرصة لحياة طبيعية بلا مُنغصات. 

(#ملحوظة: عدم ذكري للأسماء له مُبرراته التي لا تحتاج لشرح، كما أنني تعمَدتُ إغفال بعض التفاصيل الجوهرية التي يُمكن من خلالها تحديد هوية الأشخاص، فأرجو المعذرة، ولن أقبل أن تتحول شهادتي تلك لفزورة أو لغزًا يحاول البعض فَكه بطرح أسماء مُعينة، فذلك يعني خروج عن الهدف الذي لأجله كَتَبتُ شِهادتي، كما أنه يعني إنعدامًا للمسئولية).

عن الكاتب

أبو فيرونيكا

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

فيرونيكا