بقلم/ شريف رمزي
في قائمة أصدقائي من لا يُحب الرئيس فقط،
بل يعشقه عِشقًا، يؤمنون به كمُخلص، ويثقون في انجازاته دونما حاجة ليتلمسوا نتائج
هذه الانجازات في حياتهم اليومية، ولا يُساورهم أي شَك حيال إخلاصه لتراب الوطن.
كثير من هؤلاء الأصدقاء -عُشاق السيسي-
يؤلمهم جدًا ويجرح مشاعرهم أن يسمعوا أو يقرأوا نقدًا موجهًا للرئيس، ومنهم من لا يتورَع
عن سَب مُنتقديه حتى لو كان أخوه ابن أمه وأبيه!
بعض عُشاق السيسي، حينما تُحاصرهم الأنباء
عن مظالم يتعرض لها بني جِلدتهم، كالاعتداء على مواطنين في قرية الكرم بالمنيا وتعرية
سيدة مُسنة، أو مُهاجمة مواطنين في قرية البيضاء بالعامرية لأسباب طائفية، أو تعدي
رئيس حي بالدقي ثم ضباط شرطة بشارع المُعز على الحريات العامة والخاصة لمواطنين بذريعة
الجَهر بالإفطار.. إلخ، يبدأون في انتقاد عمدة القرية، رئيس الحي، مدير الأمن، المحافظ،
الوزير، (أو التخين في الحكومة)!، لكن عِشقهم للسيسي يجعل من نقدهم له خطًا أحمر، في
حين أن السيسي بوصفه رئيسًا للسلطة التنفيذية، هو من اختار كل هؤلاء كمُعاونين له،
يأتمرون بأمره وينفذون تعليماته، وكان يَملُك -إن آراد- أن يُحاسبهم على التجاوزات،
لكنه لم يفعل!
يُصبح في حُكم المؤكد أن الدولة مُمثلة
في رئيسها وحكومتها وأجهزتها، مُتحالفة مع الرجعيين من أتباع الفكر السلفي، وأنها تجتهد
في إرضائهم بسَّن قوانين وتشريعات لا تتفق ومدنية الدولة، كقانون ازدراء الأديان، الذي
سُجن بموجبه كُتَّاب ومُفكرين وأطفال في سِن البراءة، وحينما تتعالي الأصوات المُطالبة
بإلغاء ذلك القانون تتعنت الحكومة مُعلنة رفضها على لسان وزيرها العجاتي!
وبرغم ذلك كله لا تهتز ثقة عُشاق السيسي
في سياسته ولا في طريقة إدارته للدولة، فيتمادوا في إظهار عِشقهم المريض بالتطبيل والتهليل
له، ويتمادوا في توريطه ودفعه دَفعًا لارتكاب أخطاء ما كان ليرتكبها لو أخلصوا له النصيحة،
ولو بشيءٍ من النَقد البناء!
وتأتي الطامة الكبرى في موضوع #تيران_وصنافير، وإذ بي أجد من بين الأصدقاء من يُدافع عن مَسلك
السيسي وحكومته بثقة العميان، مؤثرين التفريط في جزء عزيز من أرض الوطن على التشكيك
في صِحة موقف الرئيس والزعيم المُلهَم الذي لا يأتيه الباطل من بين يَديه ولا من خلفه.
أما قليلو الحيلة فاكتفوا بالصَمت والفُرجة،
على أمل أن يتجاوز معشوقهم أزمته، ويتجاوزوا معه الحَرج الذي أوقعهم فيه حتى اضطروا
لابتلاع ألسنتهم.
شخصيًا لا أهتم لمواقف هؤلاء الأصدقاء،
ولا للطريقة التي يُقيِّمون بها الأمور، فذلك شأنهم، لكني أُراقب مواقفهم عن كَثب وأنا عاجز كُليًا عن
فَهم كيف لأولئك الأصدقاء أن يتصالحوا مع أنفسهم وقد كبدَّهم ذلك العِشق والوَلع بالسيسي
كل تلك التنازلات بما فيها التنازل عن عِشق الوطن نفسه!