رُبما قُدر لبلادنا أن تُعاني من الإرهاب،
لتدفَع ثمن خيانة البعض ممن وِلدوا على أرضها، لكن انتمائهم الحقيقي وولائهم لم يكن
يوماً لها.. عاشوا فيها لكن كالغرباء، أكلوا من خيرها وباعوها، شربوا من نيلها ثم بصقوا
في وجهها وهُم يُردِدون "طُظ في مصر واللي جابوها"!.
لكن هل قُدِر لنا أيضاً أن نَدفع ثمناً
لجهل البعض وغِلظة ضمائرهم؟!
يُقدِم جنودنا حياتهم فِداءاً للوطن، ولننعم
نحن بالأمن والأمان، ثم ببساطة نستكثر على واحدٍ منهم لقب شهيد "لأنه مسيحي"!
وهل الجندي المسيحي الذي يبذل نفسه فِداءاً لتراب مصر وفي سبيل أمنها، لا يستحق أن يتساوى مع رفقاء
السلاح ورفقاء الموت الذين تُستَبَق أسمائهم بلقب شهيد، فتلقبونه وحده بالمُتوفي والضحية؟!
والكاهن الذي يُقدم حياته فِدية لوطنه وثمنًا
لتمسكه بدينه في مواجهة عصابة من القتلة ترفع لواء الجهاد زورًا بأسم الدين، تقولون
عن قتله "اغتيالًا" وكأن الاستشهاد في سبيل الوطن لابد وأن يمر عَبر دار
الافتاء!، أين ضمائركم؟!
وهل من الإنصاف أن تتحول مَعركة يخوضها
المصريين دِفاعاً عن الوطن، إلى حرباً دينية، إذا ضحى فيها المُسلم بحياته فهو شهيد،
وإذا ضحى فيها المسيحي بحياته فهو ضحية!
الدين لله تبارك أسمه، ووازن الأرواح هو
الله، أما الوطن فللجميع، ومصر لكل أبنائها، وبالأكثر لأولئك الأوفياء الذين امتزجت
دمائهم معاً بترابها في سيناء، شُهداء الوطن وشُهداء الواجب، رغم أنف الجميع.
أما وطنية المصريين المسيحيين وتضحياتهم،
فلا تحتاج لبرهان ولا تحتمل تشكيك، ولا ينكرها إلا جاحد، ولن تتوقف تلك التضحيات بسبب
تصريح غبي أدلى به مسئول لا يُراعي ضميره، أو خبر أحمق صاغه صحفي لم يسمع يوماً عن
المهنية، ولا حتى بسبب فتوى سخيفة أصدرها رجل دين مُتطرف، فأولئك أنفسهم في حاجة ليتعلموا
ألِف باء وطنية، ولا أظنهم يفعلون.
انتهاك جريدة الوطن للمعايير المهنية بالفرز
والتمييز بين شُهداء الوطن على أساس طائفي
|
على خُطى جريدة الوطن، المصري اليوم تنتهك المعايير المهنية والأخلاقية
الجنود استشهدوا، والكاهن لقى مصرعه!
قتل الجنود استشهاد، وقتل الكاهن اغتيال!
|