العالم
بأسره على اختلاف طبقاته وانتماءاته يتأوه آلماً، تعاطفاً وتضامناً مع الطبيبة
السودانية "مريم يحي إبراهيم إسحاق" التي تواجه حُكماً لا
إنسانياً بالإعدام، بدعوى رِدتها عن الدين الإسلامي (رغم نشأتها كمسيحية)!، بجانب عقوبة الجلد 100 جلدة لجريمة الزنا
كونها متزوجة من مسيحي، فى مشهد يتعارض مع أبسط قوانين العدل الإلهى والقيم
الإنسانية، فيما السُلطات السودانية تضرِب بعرض الحائط كل الدعوات التى وجهتها دول
ومنظمات ومؤسسات حقوقية من أجل مراجعة ذلك الحُكم الظالم والجائر والوحشي.. ولا
حياة لمن تُنادى!
لا
حياة.. ولا قلب.. ولا ضمير!
ويجروء
هؤلاء بعد كل ذلك على التشدُق بالقول أنها أحكام الشريعة الإسلامية التي تُطبق فى
السودان، كما فى السعودية، وربما دولة أخرى أو دولتين من الدول التي تعتنق الفكر
الثيوقراطي.
وكأن تلك الدول وحدها تعرف
الإسلام!، وكأن حُكامها وحدهم يدينون به، وكأن العالم من حولهم قد خلا من
المُسلمين الحقيقيين، وبات الإسلام حكراً على أولئك المُتشدقين بآحكام الشريعة الإسلامية!
ولكن
رُب ضارة نافعة، فمثل هكذا حُكم يكشف بجلاء الحقيقة الغائبة عن آذهان البعض،
ويُسقط القناع الذى طالما أخفى وجوهاً أكثر توحشاً وهمجية مما تبدو عليه.
وبات
واضحاً للجميع أن مجتمعات كانت ولاتزال تتشبث بالحكم الدينى، تتخذ من "الشرع
الإسلامى" غطاءاً لقمع الحريات، بينما هى فى الواقع تطبق شرائعها الخاصة التى
وضعها "بشر" من أمثال محمد بن عبد الوهاب (مؤسس الفكر الوهابي)، فى
محاولة للعودة إلى شريعة الغاب وحُكم القبائل المتبربرة.
وبرغم
ما يمكن أن تُعانيه "مريم" من وقع السياط ووحشة السجن وغياب الرحمة
وسطوة الظلم وقسوة الفراق عن الأهل والآحباب انتظاراً لتنفيذ العقوبة، وبرغم
الحُكم بإعدامها شنقاً لرفضها الرضوخ لمحاكم التفتيش فى النوايا، فإن ذلك الحُكم
الصادر بحقها لم يسئ إليها ولم يشوه صورتها، بقدر ما أساء للسُلطة التى تحكم به
وتحتمى فيه، فجاء الحكم ليكشف عورات تلك الأنظمة أمام العالم، ويكشف معه ضعف أنظمة
أخرى توارت وتخازلت عن نُصرة الحق والحرية!