بقلم/ شريف رمزي
ما أن انتهت معركة التنافس على رئاسة مصر وأُعلن رسمياً
عن فوز السيسي، حتى بدأت تطفو على السطح خريطة التحالفات الانتخابية الجديدة
استعداداً لمعركة البرلمان.
ومسألة التحالفات والتكتلات فى حد ذاتها لا غضاضة فيها،
إن كانت جزء من سعي الأحزاب السياسية لحجز مقاعد لها تحت قبة البرلمان، وهذا بلا
آدنى شك يُثري الحياة السياسية ويُساعد على خلق مناخ من التعددية الفكرية
والأيدولوجية التي تُتيح للناخب اختيار من يراه الأصلح لتمثيله والحفاظ على مصالحه
فى إطار المصلحة العُليا للدولة.
لكن المُثير فى المسألة هو الاتجاه السياسي المُعلن لتلك
التحالفات..!
دعم الرئيس!..
الشعار الذي رفعه بعض رموز العمل السياسي، ومعهم بعض
المُتطفلين على السياسة من أرباب المعاشات والمسئولين السابقين فى أجهزة الدولة
الأمنية والإدارية!، بزَعم حاجة الرئيس لظهير قوي داخل البرلمان يَدعُم اختصاصاته
وقراراته!.
لكن أولئك المُتحذلقين غاب عنهم من حقائق الأمور ما لن
يجد المواطن العادي صعوبة فى فهمه وإداركه، وأول تلك الحقائق أن الدستور المصري
يُرسخ لمبدأ الفصل بين السلطات، والذي يتجلي فى نصه على أن النظام
السياسى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول
السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة
(مادة 5 - باب الدولة).
والقبول بترسيخ مبدأ جديد مُغاير لما نص عليه الدستور،
بلا شك يُمهد لحُكم استبدادي، وهذه الحقيقة تجد صداها فى كتابات الفيلسوف والفقيه
الإنجليزي "جون لوك"، أول من كتب عن مبدأ الفصل بين السلطات في كتابه "الحكومة
المدنية" الذي صدر عام 1690، حيث شدد "لوك" على ضرورة الفصل بين
السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ووضع كل منهما في يد هيئة مستقلة، مؤكداً أن
الجمع بينهما من شأنه أن يفضي إلى الاستبداد، وأن طبيعة الإنسان ميالة إلى التحكم
إذا لم تجد من يوقفها، وأفضل آلية لإيقاف هذا التحكم والاستبداد هو وجود هيئتين
مستقلتين عن بعضهما البعض، كل واحدة منهما تنبه الأخرى إلى حدود صلاحياتها
واختصاصاتها.
الأمر الأخر الذي غاب عن دُعاة التحالف من أجل دعم
الرئيس، هو أن اختصاصات الرئيس محمية ومَصونة بحُكم الدستور، لا تحتاج لمن يدعمها
أو يحميها لا داخل البرلمان ولا خارجه، وأن قراراته إن صدرت متوافقة مع القانون
فلا مجال للخوف من مُعارضتها أو إعاقتها، بل إن الشعب نفسه سيلتف حولها طالما كانت
تُلبي طموحاته فى الأمن والرخاء والاستقرار.
فيا مماليك السُلطان فى كل زمانٍ ومكان.. آلا كففتم عن
التملُق والمُداهنة وكفيتمونا شر تزلفكم المُخزي والمُهين، عسى أن يجد الشُرفاء فى
بلادنا مكاناً لهم تحت الشمس.