بقلم/
شريف رمزي
لعلها
ليست المرة الأولى التي تصطدم فيها رغبة قيادات كنسية في مُسايرة رَكب التطور،
بحالة من الهلع والتوجس لدى البعض ممن يرتبط كل شأن كنسي في آذهانهم بأمور العقيدة
التي لا يجب أن تُمس ولا أن تَهتز أمام رياح التغيير.
اللغَط
ومحاولات البلبلة والتشكيك في نوايا الكنيسة لا تتوقف، والجدَل الذي يتعمد البعض
إثارته بين آنٍ وآخر لا يهدأ!
تشكيك في
القرعة الهيكلية، وفي لائحة انتخاب البابا، وفي طريقة عمل الميرون، وفي جهود
الوحدة مع الطوائف المسيحية الأخرى.. وفي غيرها من الأمور!
جدَل لم
يحسمه بيان للأنبا يوسف نفسه ينفي فيه نية الانفصال، لأن مُثيري اللغَط
والمُتوجسين ليسوا جميعاً حَسني النية، فإلى جانب المُخلصين والغيورين يوجد
الكثيرين من المُزايدين الذين لا هَم لهم، ولا شُغلةٍ ولا مَشغَلة، إلا الصيد في
الماء العَكِر!
التاريخ
يُعيد نفسه!
في
أورشليم انعقد أول مجمع لرُسل السيد المسيح وحوارييه، لحسم الجدَل حول لزوم
التَهود للراغبين في اعتناق المسيحية من غير اليهود، وخرج بتوصية أن لا يُحمَّل
المؤمنون الجُدد بأثقالٍ لا ترتبط بجوهر الإيمان المسيحي.
وأولئك
الذين هاجموا الأب الأسقف بحُجة الدفاع عن الثوابت المسيحية رافعين شعار "لا
تنقل التُخم القديم الذي وضعه أباؤك"، لربما
لم
يُعطوا لأنفسهم الفرصة للتدقيق في مغزى الرؤية المُستنيرة التي يطرحها، ولا لفهم
دوافعه!
لو اقترب
هؤلاء من الواقع الذي عاشه الأب الأسقف لسنواتٍ عِدة..
لو
تلامسوا كما تلامس هو مع حالة الاغتراب التي يحياها أبناء المُهاجرين الأقباط من
الجيل الثاني والثالث تجاه كنيستهم الأم، وقد باتوا يتحدثون بلغة غير لغتها
ويتشبعون بثقافة مُغايرة لثقافتها..
لو تخلوا
عن المُكابرة والعِناد وأفسحوا المجال للفهم المُستنير، لربما صَفقوا للخُطوة أو
هَللوا لها عِوضاً عن الولولة عَبر صفحات التواصل الاجتماعي.
لكنها
عادتهم ولم يشتروها!
يقبعون
أمام شاشةٍ صماء ولوحة مفاتيح (كيبورد)، ولا يتورعون عن انتقاد كل عمل والانتقاص
من كل جُهد، غير مُدركين أنهم بذلك يُعوقون الخدمة ويُعطلون وصول الكرازة لأُناسٍ
تتعالى أصواتهم في كل يومٍ صَوب ذلك الأسقف أن أُعبر إلينا وآعِنا.
ولو عاش
أمثال أولئك المُتحذلقون في زمن بولس الرسول وسمعوه يقول "صرت لليهود كيهودي
لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت
الناموس"، لربما اتهموه بالزندقة ومُخالفة ما هو معروف عن الدين بالضرورة!