بقلم/ شريف رمزي
على استحياء، ومن أجل ذر الرماد فى العيون، يتباكى البعض على الحال الذي آل إليه مسيحيو الشرق!
البعض
يشجُب ويُدين ويُكيل الاتهامات لأبناء داعش بوصفهم إرهابيين وخوارج عن
صحيح الدين، والبعض يُبدي تعاطفه مع المسيحيين من أبناء الموصل الذين
أُخرجوا من ديارهم قسراً بعدما خُيروا بين القتل والجزية أو اعتناق
الإسلام، والبعض كأنه ما سمع ولا رأى ولا اهتز له رِمش طالما يقبع هو فى
أمنٍ وطمأنينة مع ذويه!..
شعب يُباد، وتاريخ يوشك أن يُمحى، وزُمرة
من الأشرار يجترون ماضي آبائهم بذبح الأبرياء والمُستضعفين رافعين رايات
سودا بلون قلوبهم، مُتشدقين زوراً وبُهتاناً بنصرة الله، وهو مُنزه سبحانه
عما يزعمون.
فأين
حكومات الغرب الغيورة على حقوق الإنسان، وأين حلف الناتو وجيوشه الجرارة،
وأين البوارج والمُقاتلات، وأين مجلس الأمن وقرارات الفصل السابع، وأين
الحكام العرب ونخوة العروبة، و"مسافة السكة"؟!
ما بال ميدان التحرير فى مصر خالياً من المُتظاهرين، والقصبة بتونس لا يعلو فيه هُتاف، والساحة الخضراء في ليبيا كأنها بلا سكان!
أين
ربيعكم العربي أيها الثائرون من ذبح مسيحيي العراق؟!.. أين نخوة الرجال
فيما تُنتهك أعراض الحرائر فى الموصل؟!.. أين شعاراتكم، وأين ضمائركم، وأين
حماس الشباب؟!
وقادة الأمة وحُكماؤها ومُفكروها، لماذا غابوا عن المشهد وكأن الأمر لا يعنيهم؟!
كيف
نفهم صمت الأزهر الذى هو منارة الإسلام الوسطي فى العالم، وشيوخه الأجلاء،
حيال ما يُقاسيه شركاء الإنسانية من قتلٍ وتنكيلٍ وتهجير باسم الإسلام؟!
والكنيسة
القبطية التي حملت عبر تاريخها الطويل نير الاضطهاد، وذاقت من الكأس نفسه
فى شتى العصور حتى ارتوت، كيف يُفهم صمتها إلا عن التمتمة ببضع كلماتٍ في
بيانٍ هزيل؟!
من مِنا يُمكنه أن يتنصل من مسئوليته عما يُعانيه مسيحيو العراق في الموصل وفي غيرها..
كل
الشعوب المتحضرة..الحكومات ورؤساء الدول.. أعلام الفكر والتنوير.. الأئمة
والخطباء في المساجد.. الأساقفة والكهنة في الكنائس.. الإنسانية كلها،
تتحمل المسئولية جنباً إلى جنب مع الإرهابيين من أبناء داعش، عن أرواح
الأبرياء التي ماتزال تُزهق وأعراض الحرائر التي تُنتهك، وعن التدمير..
والتفجير.. والتهجير.. والتكفير.. وإن تفاوتت المسئولية بين الجميع.
وأنا.. وأنت -عزيزي القارئ- لأننا اكتفينا أحدنا بكتابة مقال والآخر بقراءته.. كلنا داعش.