بقلم/ شريف رمزي
من
المؤكد أنه لم يكن في قصد الله -تبارك أسمه- حين خلق الإنسان وهيأ له أسباب
الراحة، أن يصبح العنف هو أحد الوسائل التى يستخدمها البشر لتحقيق مآرب خاصة..
ومن
المؤكد أيضاً أن البشر أنفسهم هم الذين سعوا إلى ذلك، وهم أنفسهم الذين ابتكروا
وسائل عديدة للقتل والفتك بالآخر، وإرهابه وترويعه!
لكن أبشع
أنواع العنف والإرهاب هو ذاك الذى يؤديه البشر نيابة عن الله، وكأن الله يحتاج إلى
جلادين ينفذون له أحكامه في البشر!
وفيما هم يقومون بدور الجلاد نَصبوا أنفسهم
قضاةً أيضاً، فجلسوا يُصدرون الحُكم تلو الأخر بالقتل والذبح والتفجير العشوائى
بصورة لم تعرفها الإنسانية عَبر تاريخها الطويل، حتى ظهر هؤلاء ليُحاكموا البشر
ويحكموا على الأبرياء بإسم الله، مستندين إلى فهمهم الخاص للدين، وإلى نواياهم
الخاصة!
لقد أراد هؤلاء أن يعطوا لطاقة العنف والشر
بداخلهم نوع من المشروعية، فربطوا بين العنف وبين مفاهيم دينية تتنافى تماماُ مع
طبيعة الله المُحب، والغاية التى من أجلها أوجَد الله الإنسان على الأرض..
فالمشكلة
إذن تكمُن في جهل هؤلاء بطبيعة الله، وجهلهم بالتعاليم التى يمكن أن تصدر عنه،
والتى لا يمكن أن تحض على العنف والقتل والتخريب وقطع الأرزاق..
والجهل
يتفشى وينتقل كالعدوى، وينخر كالسوس فى جسم المجتمع مستخدماً حتى الأدوات التى
أوجدها العِلم!
فلا عَجب أن تنتقل رسائل الإرهاب عبر
الفضائيات، ويتلقى صغار الإرهابيين أوامر قادتهم من خلال الهاتف المحمول، أو
يستخدمون تقنيات علمية في تصنيع أسلحة وقنابل تفتك بأرواح البشر..
الجهل هو المسئول الأول والمدخل الحقيقى
للتطرف والإرهاب -ولا أعنى بالجهل هنا الأُمية أو جهل القراءة والكتابة- إنما
الجهل الذى أعنيه هو غياب الفكر المُستنير، وانتشار الأفكار الهدامة التى تحرض على
الكراهية ونبذ الآخر.. تلك
الأفكار التى تسربت إلى المدارس والجامعات، وغَزت المناهج التعليمية وعقول
الأساتذة والدارسين (البعض منهم)، وتروج لها بعض وسائل الإعلام في برامج ونشرات
وأفلام تزخر بالعنف وتحتفى بالقتلة والإرهابيين!
ذلك النهج نلمسه حتى فى سلوك الدولة تجاه
مفكرين وكُتَّاب مستنيرين، حين تُقصيهم لصالح الرجعيين ودعاة الجهل والتخلف ومروجى
الفتن، وما أكثرهم..
فأضحت
مؤسسات الدولة من صُحف قومية وقنوات تلفزيونية رسمية حِكراً على هؤلاء وحدهم، فيما
توصَد الأبواب فى وجه دعاة التحرر وقبول الآخر!
فهل
نتسآل بعد ذلك من المسئول عن تفشى الجهل في المجتمع، ومن خلفه الإرهاب؟!