بقلم/ شريف رمزي
بإمكاني أن أتفَهَم حالة الهَياج والسُخط التي انتابت قطاع واسع من المصريين عقب التنازل المُخزي عن "تيران وصنافير"، فهو في كل الأحوال "تنازل"، وفي كل الأحوال "مُخزي"، لأنه ما من دولة على وجه الأرض في كل مراحل التاريخ، سَلَّمت جزء من أراضٍ تخضع لسيادتها إلى دولة أخرى بهذا القَدر من الرخاوة والسَذاجة، حتى مع فَرضيَة أن هذا الجزء المُقتَطَع خارج عن حدود مِلكيتها!
هكذا وببساطة، يُجاهر رئيس النظام في بلدي بحق دولة أخرى في جزء من الأرض التي أقسم يمين الولاء لها مُتعهدًا بالحفاظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه!
هكذا بلا أي استشعارٍ للحَرَج، تُجاهر حكومة بلادي بحق آل سَعود في تيران وصنافير، استنادًا لمُكاتبات ومُراسلات، ضاربة بعرض الحائط مُستندات وخرائط ووثائق لمُعاهدات أقدم من تاريخ مملكة آل سَعود، وفي تبجُحٍ مُنقطع النظير تدفع الحكومة من أموال المصريين مُقابلًا لحملات إعلانية تُرَوِج لادعاء ملكية آل سَعود للجزيرتين!
هكذا، وفي ثِقة العميان، تعالت أصوات -أقولها بكل أسى وأسف- لمصريين، بنبرةٍ ملؤها التنازل والتفريط، لتُعلن انحيازها لقرار الزعيم المُلهَم الذي -بحسب ظنهم- لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مُتهمين خصومه في القضية بأنهم الخونة والعُملاء ودعاة الفوضى والحاقدين، لا لشيء إلا لكونهم رقصوا يومًا أمام لجان انتخابه وكانوا من قبلها على صَك تفويضه موقعين!
وبالصَك نفسه وبذات التفويض باع وأسقط وتنازل عن أرضٍ تخضَبت بدماء الأباء والأجداد، ووجد من بين المُطبلين له من يشهد على صَك البيع والتفريط!
بِئسَ البائع والمُشتري، وبِئسَ الشهادة، وللمُطبلين أينما كانوا بِئسَ المصير.