بقلم/
شريف رمزى
يُعتبر "بولس" نموذجًا فـريدًا من نوعه، نموذج للخادم الشجاع
الذي لا يعرف الخوف أو التراجع فى مواجهة الشر.. يقف أمام الملوك والولاة ويشهد
بكل ثقة ورباطة جأش.
لم نسمع عن بولس بعد أن صار تلميذاً للمسيح أنه شك فيه
يومًا أو أنكره كما فعل آخرون قبله فى ضعفٍ وتابوا.. إنه لا يتخلي عن إتضاعه، وفي
نفس الوقت لا يتخلي عن مبادئه.
إتسم بولس في سلوكياته بالإيجابية الشديدة، وهذا ظاهر
جدًا فى تعاليمه ونصائحه للمؤمنين.
بولس هذا الذي قاسى من الآلام والأتعاب ما لم يُقاسيه
إنسان من قبله، وقف في لحظة يحتج ويدافع لأجل نفسه في إيجابية، " فلما مدوه للسياط قال بولس لقائد المئة الواقف
أيجوز لكم أن تجلدوا إنسانًا رومانيًا غير مقضي عليه.. وللوقت تنحى عنه الذين
كانوا مزمعين أن يفحصوه واختشى الأمير لما علم أنه رومانى ولأنه قيده " (أع 29: 22-25).
هذه الصورة يقدمها بولس للمؤمنين ولغير المؤمنين على
السواء.. لهؤلاء حتى يتعلموا من إيجابيته ويتمثلوا به فى شجاعته، ولأولئك حتى لا
يظن أحد أن المسيحية ضعف وسلبية.
فالمسيحي بحسب تعليم بولس بإمكانه أن يغضب لنفسه فى الحق
ويدافع عن نفسه بالحق ودون أن يخطيء..
"أغضبوا ولا تخطئوا، لا تغرب الشمس على غيظكم ولا
تعطوا لإبليس مكاناً" (أف 4: 26، 27).
وإن لم يكن في إمكانه دفع الشر عن نفسه، فيوجد من هو
قادر أن يُدافع عنه ويجازي الأشرا ر عن شرهم..
" إذ هو عادل عند الله أن الذين يُضايقونكم يُجازيهم
ضيقاً، وإياكم الذيت تتضايقون راحة معنا" (2 تس 4: 6، 7).
وهـو كراعٍ لا
يحتمل أن يرى المؤمنين تحت نيـر أو ضيق من الذين هم من خارج، ويَوَد لو أن الأرض
تنشَق وتبتلع كل من يَمَد يده بالأذى إلي أولاد الله..
"ولكن الذي يزعجكم سيحمل الدينونة أى من كان.. يا
ليت الذين يزعجونكم يُقطعون أيضاً " (غل 10:5_12).
الشجاعة والإيجابية في مواجهة الشر -في نظر بولس- لا يتعارضا مع روح الوداعة التي يجب أن يتحلى بها المسيحي، وبولس نفسه خير دليل،
ومن هنا كانت وصيته للمؤمنين:
"لا تجازوا أحداً عن شرٍ بشر.. إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس، لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء.. إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فأسقه.. لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير" (رو 12: 17-21).
"لا تجازوا أحداً عن شرٍ بشر.. إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس، لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء.. إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فأسقه.. لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير" (رو 12: 17-21).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نقلًا عن كتاب: "بولس (شخصيته- منهجه – أفكاره)"، للكاتب - إصدار مكتبة المحبة، 2008.