تحقيق/ شريف رمزي
منذ اللحظات الأولي للإعلان عن احتجاز مواطن قبطي لدى تنظيم داعش الإرهابي بليبيا، يُتابع
موقع "فيرونيكا" ويتحرى كل تفصيلة صغيرة حول الموضوع، من خلال تواصل
مباشر مع أهل "بخيت" في كوم بدار، ومن خلال تواصل مباشر مع مصريين داخل
الأراضي الليبية، ومن خلال مُتابعة دقيقة ولحظية لصفحات التنظيم وعناصر تابعة له
على مواقع التواصل الاجتماعي..
الشواهد
التي جمعتها حتى الأن ربما تصُب في النهاية إلى حقيقة مُذهلة..... براءة داعش!
ولندخُل إلى مسرح الأحداث..
أول عِلمنا بأنباء اختطاف الشاب القبطي
"بخيت ناجح أفرنك عبيد"، كان من خلال "تويتة" كتبها شخص مجهول
الهوية يُلقب بـ "أبو صُهَيب الشِيشَاني" من حسابه على موقع تويتر، وأرفقها
بصورة من جواز سفر "بخيت"، وصورة أخرى لمُسلح مُلثم مُمسكاً برهينة بما
يوحي أن الرهينة هو نفسه "بخيت"، وبالتحري عن الشاب وظروف سفره اتضح أن الشاب
"بخيت ناجح أفرنك" -21 سنة- قد غادر بلدته "كوم بدار، التابعة
لمركز المنشاة بمحافظة سوهاج" يوم الإثنين 6 يوليو 2015، قاصداً العاصمة الليبية
طرابلس التي عمل بها لمدة عامين قبل أن يضطر لمغادرتها على إثر الأحداث المُروعة
التي شهدتها الأراضي الليبية والتي من بينها أسر تنظيم داعش الإرهابي لعشرين مواطن
مصري وذبحهم بطريقة وحشية، لكنه عاود السفر إليها ضمن أكثر من خمسين عامل مصري
منهم أربعة مسيحيين من أسرة واحدة (موزَعين على أربع سيارات)، اعتقاداً منهم بتحسن
الأوضاع الأمنية، ليقع وحيداً ضحية للخطف عند بوابة مدينة هراوة في شرق ليبيا يوم
السبت 11 يوليو 2015، وقد أمكن للمسيحيين الثلاثة الأخرين النجاة بسلوك دروب صحراوية
على مدار أسبوعين ليصلوا أخيراً إلى وجهتهم في العاصمة طرابلس "غرب ليبيا".
ولنبدأ في عرض الشواهد..
1- رافق
"بخيت" في رحلته عدد كبير من العمال المصريين، وفي السيارة التي كانت
تُقله تحديداً حوالي 15 عامل مصري، فهل من المنطق أن يتخلى داعش عن تلك الفرائس،
ويكتفي بذلك الشاب اليافع وحده، فقط لأنه مسيحي وهُم مسلمين، ويُضيع على نفسه فرصة
الثأر من البلد التي تُعاديه ومن نظام السيسي الذي استهدف مواقعه بالطيران
الحربي؟!
2- نبأ أسر
"بخيت" على يد داعش، لم يُنشر على أي من الصفحات المنسوبة للتنظيم، فقط
على صفحة ذلك المدعو "أبو صُهَيب الشِيشَاني" ومن خلال الهاشتاج الذي
وضعه لصفحات "دولة الخلافة" و"ولاية برقة"، فابتلعنا جميعاً
الطُعم وصدقنا ما زعمه "الشِيشَاني" دون أي تقصي للحقيقة من جانب أي جهة
على وجه الإطلاق!
3- تويتة "الشِيشَاني"
ومرفقاتها اختفت من على موقع تويتر، وحسابه أُغلِق من الثلاثاء 22 / 7 ، ومن
المُستبعد أن تكون إدارة الموقع هى من أوقفت الحساب في الوقت الذي يمرح فيه قيادات
داعش والمئات من عناصره على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن تتعرض حسابتهم
للتعطيل!
4- المُفاجأة أن
أفراد من أسرة "بخيت" شَككوا في أن يكون الشخص معصوب العينين الذي ظهر
في الصورة المرفقة بجواز السفر، هو نفسه "بخيت"، وبحسب شهادتهم، فلا
الملابس التي يرتديها الشاب في الصورة ملابسه ولا هيئته الجسمية هى هيئة "بخيت"،
ويُعزز تلك الشهادة أن الصورة تُظهره عن بُعد برفقة أحد المُسلحين المُلثمين، فيما
ظهر رهينتين أخرين من غانا ونيجيريا كل على حدة في صورة تُظهر ملامحه!
5- بعض من رافقوا
"بخيت" في سفره من العمال المصريين، شهدوا بأن السائق الليبي الذي أقلهم
من الحدود مع مصر إلى داخل الأراضي الليبية "على الأغلب" متورط في عملية
خطفه.
6- كان "بخيت"
يحمل هاتفه النقال الذي يعمل داخل الأراضي الليبية، وسُمح له أن يحتفظ به طوال
اليوم الأول بعد خطفه، وبعدها أصبح الهاتف بحوزة الخاطفين، ورغم مرور قُرابة الإسبوعين
لايزال الهاتف مفتوحاً ومُتاحاً، وقطعاً تم شحنه عدة مرات خلال تلك الفترة، وفي كل
مرة يتصل أحد أقارب "بخيت" سواء من مصر أو من داخل الأراضي الليبية يتم
الرَد ومُجارة المُتصل في الحديث إما بسخرية أو بتهديد وترهيب!
والسؤل هنا، هل عناصر داعش المُنهمكون في حرب
ضَروس مع خصومهم داخل الأراضي الليبية وخارجها، لديهم رفاهية الوقت للاحتفاظ بهاتف نقال أحد آسراهم، واستقبال مكالمات نيابة عنه؟!
في رأيي الشخصي، أن تلك الشواهد تُشير إلى أن
الخاطفين ليسوا من عناصر تنظيم داعش، بل ربما مجموعة من المرتزقة التي تستغل سوء
الأوضاع الأمنية في محاولة للاستفادة مادياً، مع إلصاق التُهمة في الجهة التي لا
يشك أحد في بشاعة تصرفاتها، حتى إذا ما اضطروا للتخلص من ضحاياهم يُمكنهم النجاة
بفعلتهم دون قصاص أو ملاحقة من أي طرف داخل ليبيا أو خارجها.
ما أطرحه هُنا هو مجرد تصور قد لا يصل إلى حد اليقين،
لكني أستند إلى شواهد وبراهين منطقية ستثبت الأيام وربما الساعات القادمة مدى
دقتها من عدمه.
وحتى يحين الوقت لتتكشف الحقائق كاملة، فجميعنا
مُطالبين على سبيل الواجب الإنساني، بالصلاة والدعاء لأجل "بخيت" وأسرته.